b7bk-net

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
b7bk-net

جميل جداولونه زاهى


    مبادئ بناء المجتمع في الاسلام

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 157
    تاريخ التسجيل : 04/02/2011
    العمر : 31
    الموقع : https://b7bk-net.ahlamontada.net/

    مبادئ بناء المجتمع في الاسلام Empty مبادئ بناء المجتمع في الاسلام

    مُساهمة  Admin الثلاثاء فبراير 08, 2011 12:30 am

    الرِّسالة الاسلامية رسالة لبناء المجتمع ، كما هي لبناء الفرد ، وليس هذا فحسب ، بل ونظر الاسلام إلى الانسان الفرد من خلال وجوده الاجتماعي . ويوازن الاسلام في قوانينه وقيمه بين الفرد والجماعة ; لذا كانت هناك ملكيّة فرديّة وملكيّة للاُمّة وملكيّة للدّولة ، وكان هناك خطاب للفرد وخطاب للاُمّة وخطاب للدّولة ، وكان هناك واجب فردي وواجب كفـائي وتكليف جماعي ، وكان هناك واجب سلطة .
    والشيء الّذي ينبغي الوقوف عنده هو أنّ القرآن خاطب الهيأة الاجتماعية، واعتبرها جهة خطاب في التكاليف والحقوق والمسؤوليّات ، ولم يوجِّه الخطاب بصيغته الفرديّة ، أو حتّى للسلطة بما هي سلطة في كثير من الخطابات ذات الطّبيعة العامّة ..
    فمهمّة بناء المجتمع وإقامة الدّولة والسّلطة والإصلاح الاجتماعي وتنفيذ القوانين والإعمار والبناء ، والوفاء بالعقود والعهود ، وإقامة الدِّين ، وتنفيذ القوانين ، جعلها من مهام المجتمع ، ولم يجعلها من المهام الفرديّة ، بل يؤدِّي الفرد فيها واجبه ومسؤوليّته ويحصل على حقوقه من خلال الوجود الاجتماعي ـ بغضّ النظر عن الآليّة التي تُنفّذ بها تلك المبادئ والقـيم ، سواء أكانت على شكل مؤسّسات أو أنشطة تعاونيّة حرّة ، أو جهود فرديّة متكاثفة في اتجاه واحد .. ممّا يعطي المجتمع الدّور البارز والمستقلّ عن الدّولة في مساحات واسعة ربّما تتولّاها الدّولة أو تستأثر بها في كثير من الأحيان ..
    ومن الأدلّة على هذا الاتجاه الجماعي، وأهمِّيّة الدّور الاجتماعي ، هو الخطابات القرآنيّة التي عالجت تلك الشؤون الانسانيّة ، نذكر منها :
    (يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر وأُنْثى وَجَعَلْناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إنّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم ). ( الحجرات / 13 )
    ( ... هُوَ أَنْشَأَكُم مِنَ الأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُم((17)) فِيها ... ). ( هود / 61 )
    (وَتَعاوَنُوا على البِرِّ والتّقْوى وَلاَ تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوان ).( المائدة / 2 )
    ( ... فَأتِمُّوا إلَيْهِم عَهْدَهُم إلى مُدّتِهِم ... ). ( التوبة / 4 )
    (وما لَكُمْ لاَتُقاتِلونَ في سَبِيلِ اللهِ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ والوِلْدانِ الّذينَ يَقُولُونَ رَبّنا أخْرِجْنا مِن هذهِ القَرْيَةِ الظّالِمِ أهْلُها ... ).( النِّساء / 75 )
    (وَلْتَكُن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَر ... ). ( آل عمران / 104 )
    (وَلَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَ لْباب ). ( البقرة / 179 )
    ودراسة المهام والمسؤوليّات في الحياة الانسانية على مستوى الفرد والمجتمع والدّولة تكشف لنا أنّ الهدف الأساس في الاسلام هو أن نُنَفِّذ الأحكام والقوانين ونلتزم بالقِيَم والمبادئ الاسلامية التي حملتها الرِّسالة الإلهية ونحقِّق خير الانسانية ومصالحها .
    ولكي نُنفِّذ هذا المنهاج ، قسّم الاسلام المسؤوليّات والصّلاحيّات والحقوق بين الفرد والمجتمع والسّلطة بشكل مُحدّد ، كما ترك مساحة مفتوحة أعطى كلّاً من الفرد والمجتمع والدّولة حقّ التحرّك فيها ، بل جعل بعضها من واجب هذه العناصر الثلاثة على نحو الواجب الكفائي; فإنّ أقامه الفرد سقط عن المجتمع والدّولة ، وإن أقامته الدّولة سقط عن الفرد والمجتمع ، وإن أقامه المجتمع سقط عن الفرد والدّولة ; كمكافحة الجريمة والفساد الاجتماعي ، وتقديم الخدمات الصِّحِّية والتعليم ، وحلّ مشاكل الفقر والحاجة ، وفضّ النِّزاعات ، وتوفير الأمن الغذائي ... إلخ .
    ولكي نعرف الدّور الّذي يستطيع المجتمع أن يحتلّه في بناء الحياة إلى جنب الفرد والدّولة، فلنعرِّف به من خلال التعريف بالمسؤوليّات والمهام والصّلاحيّات الكُبرى في المجتمع والدّولة ، والّتي هي :
    1 ـ التشريع : ولكي يتّضح لنا دور المجتمع من بين دوري الفرد والدّولة في هذا المجال ، يجب أن نعرف أنّ التشريع والقانون الاسلامي مصدره القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ، والأحكام الاسلامية وردت في هذين المصدرين على مستويين : مستوى النصّ الصّريح الّذي لا يحتاج إلى استنباط ، ومستوى ضمني يحـتاج إلى جهد علمي لاستنباطه ، ويمارس رجال الفقه والقانون ( الفقهاء ) عمليّة الاستنباط العلمي وبيانه ; وبذا يكون التشريع والتقنين عملاً علميّاً مأخوذاً من الكتاب والسنّة .
    واعتبرت الرِّسالة الاسلامية عمليّة الاجتهاد والاستنباط الّذي يوفِّر ما استجدّ من حاجة المجتمع التشريعية المتطوِّرة واجباً كفائيّاً .. أي هو من المهام الجماعية العامّة ، وليس من مهام السلطة كسلطة ، بل يتوجّه إليها الخطاب لإعداد الفقهاء والمجتهدين إذا لم تتوفّر الكفاية .
    فالفقه والفقهاء يمثِّلون مؤسّسة علميّة مستقلّة عن السّلطة بعملها العلمي ، وهي من مؤسّسات المجتمع الاسلامي .
    وحتّى حين يكون الفقيه في موقع السّلطة ، فآراؤه الفقهيّة ليس لها صفة سلطويّة ، بل هو حين يُمارِس الاستنباط ، يكون صاحب نظريّة فقهيّة ; أي فقيهاً ، وليس حاكماً .
    وكما حدّد النصّ التشريعي في الاسلام جانباً من الأحكام والقوانين، ترك مساحات تشريعيّة مفتوحة يقوم المجتمع والسّلطة بملئها وفق الظّروف والأوضاع القائمة ، وعلى ضوء القيم والمبادئ التي ينظِّمها الاجتهاد الفقهي .
    فالمجتمع يُمارِس هذه العملية التقنينيّة من خلال مؤسّسات المجتمع ; كمجالس الشورى (البرلمان) . ومن خلال ذلك يُمارِس المجتمع دوره في التشريع ، كما يُمارس دوره في المشاركة في صنع القرار السياسي ورسم السياسة العامّة . وينبغي أن نشير هنا إلى أنّ التشريع الاسلامي منح السّلطة حقّ اصدار القوانين والقرارات أو القوانين الاجرائية لحفظ المصالح ودرء المفاسد ، وتسهيل تنفيذ القوانين والمقرّرات العامّة في السياسة .. وكلّ ذلك يقع تحت ضوابط القانون ورقابة الاُمّة المنطلقة من قاعدتي الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ووجوب التشاور في الأمر .
    وهكذا يتّضح دور المجتمع في التشريع في ظلِّ الاسلام . فالسلطة مُنفِّذة ، وليست مُشرِّعة . والتشريع في الاسلام هو :
    أ ـ حكم بيِّن لا اجتهاد فيه ; كحرمة الخمر ، وحرمة الظّلم ، وحقّ التملّك ، ووجوب النفقة على الأبناء الصِّغار ... إلخ .
    ب ـ حكم اجتهادي يتم استنباطه من الاُصول والأدلّة (الكتاب والسنّة) ، وهو عمل علمي يمارسـه الفقهاء ، وقابل للتغـيير باجتهاد علمي آخر .
    ج ـ مساحة مفتوحة (18) يُمارِس كلّ من المجتمع والسّلطة عمليّة ملئه وفق المصالح القائمة ، ووفق صلاحيّاته المخوّلة له في نصِّ القانون على ضوء رؤية اجتهادية . ويأتي هذا الدور للمجتمع والسّلطة من تشخيصهما للموضوعات المجسّدة للمصالح في هذه المساحة ، فينتج عن تشخيص هذه الموضوعات تحديد الموقف القانوني وفق ممارسة اجتهاديّة مشخِّصة . وتشخيص الموضوع يعني تشخيص حكمه ; كالقضايا التي تتعلّق بالعملة والتجارة الخارجية والضرائب الاضافية ، والعلاقات الدولية ، وتنظيم توزيع أراضي الدولة ... إلخ .
    2ـ وأعطى الاسلام الاُمّة حقّ المشاركة في صنع مصيرها السياسي من خلال المبادئ الآتية:
    أ ـ مبدأ الشورى الذي حدّده القرآن بقوله :
    (وأمرهم شورى بينهم ). ( الشّورى / 38 )
    ( ... شاوِرْهُم في الأمر ). ( آل عمران / 159 )
    ب ـ من خلال واجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر الّذي نصّ عليه القرآن بقوله : (والمُؤْمِنُون والمُؤْمِنات بَعْضُهُم أوْلياءُ بَعْض يأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهُونَ عَنِ المُنْكَر ... ). ( التوبة / 71 )
    ج ـ من خلال مبدأ المسؤوليّة العامّة الّذي ثبّته الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : «ألا كُلّكُم راع ، وكُلّكُم مَسْؤُولٌ عن رَعيّتِه» . وبقوله : «مَنْ باتَ لا يهتمّ باُمور المسلمين فَلَيْسَ مِنْهُم» .
    3 ـ مسؤوليّة الاصلاح الاجتماعي : وتمتاز الدولة في الاسلام بأ نّها القوّة المركزيّة التي تنظِّم طاقات الاُمّة وتقودها ، وتملك حقّ اسـتعمال القوّة في تنفيذ القانون وحفظ المصالح ودرء المفاسد وإلزام الآخرين بقرارها، وتلك الميزة يفرضها الوجود الاجتماعي للاُمّة والحاجة الفعليّة للدولة . غير أنّ التشريع الاسلامي أعطى المجتمع حقّ استعمال القوّة لمكافحة الفساد وإصلاح المجتمع إذا تهاونت السّلطة في واجبها عملاً بقاعدة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، أو عجزت عن ذلك أو حدث المنكر والفساد في مواقع لم يكن للسّلطة فيها حضور .. بل وبيّن الفـقهاء أنّ أمر الآمِر بالمعروف ، ونهي الناهي عن المنكر ، هما مولويّان وليسا إرشاديّان . أي لهما قوّة الإلزام ، وهي نوع سلطة الزاميّة يملكها المجتمع لإحقاق الحق والعدل، ومكافحة الفساد والجريمة، وحفظ الحقوق ، وإصلاح المجتمع .
    4 ـ ومن المسائل الأساسية والخطيرة في حياة المجتمع هو القضاء.وتشكِّل المؤسّسة القضائية بمستواها القانوني وعدالتها وأخلاقيّتها وتنظيمها أبرز مظهر من مظاهر المجتمع المتمدِّن..
    وكم اهتمّ الاسلام بالقضاء وإحقاق الحقّ وإبطال الباطل .. قال تعالى :
    (وبالحقِّ أنزلناهُ وبالحقِّ نَزَل ... ). ( الإسراء / 105 )
    وممّا يبعث على الاهتمام والتأمّل هو أنّ الخطاب في وجوب القضاء موجّه إلى الهيأة الاجتماعية كما هو موجّه إلى السلطة الشّرعيّة.. نلاحظ ذلك في قوله تعالى :
    (يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم القِصاصُ في القَتْلَى...).( البقرة/ 178 )
    (ولَكُم في القِصاصِ حَياة يا أُولي الألْبابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُون ).( البقرة / 179 )
    (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَيُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُم ). ( النِّساء / 65 )
    (وإنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِين ).( المائدة / 42 )
    ويؤكِّد البيان النبويّ مسؤوليّة الهيأة الاجتماعية في استرداد الحقوق ودفع الظّلم والعدوان ، سواء عن طريق الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، أو عن طريق القضاء والإلزام بقراراته العادلة وتنفيذها .
    جاء ذلك في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ الله لا يُقدِّس اُمّة لا يكون فيهم مَن يأخذ للضّعيف حقّه» .
    وحلّل الفقهاء هذا النص بأ نّه يدلّ بالملازمة على : «... وجوب أن يكون بين الناس أحد يتكفّل ذلك الأمر ، وإن كان نفس المدلول لزوم تهيئته على الناس ...»(19).
    واشترط الفقهاء في مشروعيّة القضاء ونفوذه أن يكون القاضي فقيهاً عادلاً ، مستجمعاً لبقيّة شرائط القضاء ، ولم يشترطوا أن يكون مُعيّناً من قِبَل السّلطة الشّرعيّة . وأعطى التشريع الاسلامي أطراف الدعوى حقّ تعيين القاضي الّذي يترافعان إليه . كما أجاز قضاء قاضي التحكيم الّذي يتّفق عليه الطّرفان .. وكلّ ذلك يجري خارج دائرة السّلطة ، بل في إطار المجتمع .. وهكذا فسح القضاء الاسلامي المجال أمام المجتمع أن يُمارِس دور القضاء خارج دائرة السلطة.غير أنّ القضاء يحتاج أحياناً إلى استخدام القوّة لتنفيذه،ممّا يستوجب تدخّل السّلطة في التنفيذ..وإلى جانب هذا المبدأ ـ فسح المجال أمام الأطراف المتنازعة أن تتقاضى خارج دائرة السلطة إذا ما توفّرت الشّروط المطلوبة في القاضي أو قاضي التحكيم..وللسلطة الشّرعية أن تحصر القضاء في القضاة الّذين تعيِّنهم حفظاً للعدل،وإحقاق الحق،وفرض النِّظام.
    قال المحقِّق الحلِّي متحدِّثاً عن جواز أن يتقاضى الطّرفان إلى حاكم يُعيّن من قِبَلِهما ، أو من قِبَل السّلطة الشّرعيّة : «لو تراضى خصمان بواحد من الرّعيّة ، وترافعا إليه فحكم بينهما لزمهما الحكم ، ولا يشترط رضاهما بعد الحكم ، ويشترط فيه ما يشترط في القاضي المنصوب عن الإمام ، ويعمّ الجواز كلّ الأحكام»(20) .
    وبذا يوضِّح المحقِّق الحلِّي جواز القضاء وحسم المنازعات خارج دائرة القضاء الرّسمي . وذلك دليل على دور المجتمع المستقل عن السّلطة في حفظ الحقوق ودفع الظّلم والباطل .. ولم يجعل القضاء حكراً على السّلطة الرّسميّة .
    5 ـ حفظ الأمن : ومن المهام الأساسية للدولة في الاسلام وفي الأنظمة غير الاسلامية ، هو حفظ الأمن الداخلي ، ومكافحة الجريمة ; كالقتل والسّرقة والاغتصاب والغشّ والتزوير ، والاعتداء على كرامات الآخرين ، وحقوقهم السياسية والمدنيّة والأدبيّة .. وكما تتحمّل الدولة هذه المسؤولية ، فإنّ الشريعة الاسلامية اعتبرتها مسؤولية اجتماعية عامّة تقع تحت دائرة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر .. وعندما يشعر المجتمع بأ نّه قادِر على المشاركة عن طريق المؤسّسات الاجتماعية للبحث عن الجريمة واكتشافها ، أو منع حدوثها عن طريق التثقيف والتوعية والتربية ، أو مطاردة المخلِّين بالأمن ، فإنّ القانون الاسلامي يُشجِّع المجتمع أن يقوم بذلك ، غير أنّ حق استعمال القوّة والعقاب هو من صلاحيّات السّلطة الشّرعية ، بل وأجاز الفقهاء حقّ استعمال القوّة للأفراد والمؤسّسات الاجتماعية إذا دعت الضّرورة لمكافحة الجريمة ولكن بإذن السّلطة الشّرعيّة .
    6 ـ ومن القضايا الأساسـية في الحياة البشريّة هو الدِّفاع عن الأوطان والمصالح والمبادئ من أي اعتداء خارجي ، وهي مسؤوليّة إسلامية عامّة تتحمّله الدّولة والمجتمع والأفراد جميعاً .. أمّا إعلان الحرب والهدنة وتوقيـع الاتِّفاقـيّات فهي من صـلاحيّات السّلطة الشرعيّة ; لذا فإنّ المجتمع والمؤسّسات الاجتماعية مكلّفة ببذل أقصى جهدها للدِّفاع، والقيام بالمهام التي يحتاجها الموقف الدِّفاعي . غير صلاحيّات إعلان الحرب وقبول الهدنة وتوقيع الاتِّفاقيّات وإلزام الآخرين بأداء واجب الدِّفاع .. لذا فإنّ المجتمع يجد المجال الواسع في مؤسّساته وجهود أفراده للقيام بهذا الواجب خارج مؤسّسات السّلطة وأنشطتها ، ولكن
    بتعزيز موقفها ، وتوحيد السياسة الدِّفاعيّة التي تقودها الدولة .
    7 ـ ومن المهام الأساسية للدولة العصريّة هي القيام بالخدمات العامّـة ، وتطوير الصـناعة والانتاج والتنمـية ; كالتعـليم والصِّـحّة والمواصلات وتطوير الزراعة والانتاج الصِّناعي ... إلخ . ويبرز دور المجـتمع واضحاً إلى جنب الدولة في ظلِّ المبادئ الاسلامية في تقديم الخدمات وتطوير الانتاج .. فالمبادئ الاسلامية اعتبرت تقديم المنافع العامّة من أعمال البر والإحسان ، وحثّت على النفقة فيها والعمل التعاوني لإقامتها .. ثبّت القرآن ذلك بقوله :
    (وَتَعاوَنُوا على البِرِّ والتّقْوى وَلاَ تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوان ).( المائدة / 2 )
    (إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعَدْلِ والإحْسان ). ( النحل / 90 )
    (وما تُنْفِقوا مِن خَيْر يُوَفَّ إلَيْكُم وأنْتُم لاتُظْلَمُون ). ( البقرة / 272 )
    ولعلّنا نجد في أحكام الوقف الاسلامي ما يُعزِّز دور المجتمع في تقديم الخدمات ، وإقامة المؤسّسات الاجتماعية الكُبرى في هذا المجال ; كالجامعات ودور النّشر ومحطّات الإذاعة والتلفزيون والمياتم وملاجئ العاجزين والمستشفيات والمدارس وإقامة المساكن وتشييد الجسور والسّـدود ، ومؤسّسات البحث العلمي والمزارع والمصانع الخيريّة والمساجد وصناديق الإعانات والإغاثة ومكافحة التشرّد والمصارف ومؤسّسات القرض التي تعمل على حلِّ مشاكل التنمية والقروض وتُساهِم في مكافحة الفقر والبطالة .
    فإنّ كلّ ذلك هو من الصّدقات الجارية وأعمال البرّ والإحسان التي ندب الاسلام إليها.. ودعا إلى التعاون عليها .. بل وجاء على لسان الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : «خير النّاس مَن نفعَ النّاس» .
    والمجتمع الاسلامي هو المجتمع الّذي تبرز وتتفوّق فيه أمثال هذه المؤسّسات الاجتماعية الخيريّة على مؤسّسـات الدولة وأنشطتها .. فالمجتمع الاسلامي هو المجتمع التعاوني الّذي يُمارس دوره في أعمال البرّ والإحسان من خلال المؤسّسات والأعمال الفرديّة والجماعيّة .
    وهكذا نفهم دور المجتمع الاسلامي المتميِّز إلى جنب السّلطة ، فله دوره السياسي والحقوقي والخدمي والتشريعي إلى جنب مؤسّسة الدولة .
    * البلاغ

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 9:33 am