لعل أهم مادفعني لكتابة هذا الموضوع طرح احد الأعضاء الأفاضل موضوعا يطالب فيه بمفكره علميه وذكر جزاه الله خيراأن هذا أهم من المفكره الأدبيه فأحببت أن ابين اهمية الشعر في الإسلام ليعلم من يشارك هنا انه ليس اقل ممن يشارك في المفكره الدعويه شرط ان نسخر الأدب والشعر لخدمةالدعوه ولقد اقتطفت موضوعي بتصرف من كتاب الدكتورة إخلاص فخري عمارة «الإسلام والشعر ـ دراسة موضوعية
جاء في كتاب «فيض القدير على شرح الجامع الصغير» للعلامة المناوي هذا الحديث: عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: "لما نزلت" والشعراء يتبعهم الغاوون» أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ماترى في الشعر؟ قال: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه» وفي روايه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل»ومعنى ذلك أن الدعوة الإسلامية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بصفة خاصة، قد قامت على هذين الأمرين: الجهاد بالسيف من جهة، والدفاع عنها باللسان من جهة أخرى.
ولهذا وجدنا هذين الجانبين المهمين يتمثلان في أشخاص المؤمنين الأوائل وأفعالهم في آن.
وقد كتب الكثير عن الشعر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه من بعده، وتعرض الكثيرون لتفسير بعض الآيات القرآنية على نحو يتفق مع الروح العامة حول الشعر، حيث كان ـ كما رأينا ـ طرفاً مهما في الصراع مع أعداء الإسلام. ومن هذه الآيات قوله تعالى: "وماعلمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين" وقوله تعالى: "والشعراء يتبعهم الغاوون..» الآية. وقد عقد ابن رشيق في كتابه الشهير "العمدة" بابا (هو الباب رقم 1 في فضل الشعر، وجاءالباب الثاني تحت عنوان «باب في الرد على من يكره الشعر». ومما جاء في هذا الباب الثاني ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الشعر كلام مؤلف، فما وافق الحق منه فهو حسن، ومالم يوافق الحق منه فلا خير فيه». وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أعلم منه». وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الشعر ميزان القول» ورواه بعضهم: «الشعر ميزان القوم». ويروى عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «مر الزبير بن العوام رضي الله عنه بمجلس لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحسان ينشدهم، وهم غير آذنين لما يسمعون من شعره، فقال: مالي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة؟
لقد كان ينشد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولايشتغل عنه إذا أنشده». ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بحسَّان، وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أرغاء كرغاء البكر؟ فقال حسان: دعني عنك يا عمر، فوالله إنك لتعلم لقد كنت أنشد في هذا المسجد من هو خير منك فما يغيرِّ عليَّ ذلك. فقال عمر: صدقت. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: مُر مَنْ قِبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق، وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب. وقيل لسعيد بن المسيب: إن قوماً بالعراق يكرهون الشعر، فقال: نسكوا نسكا أعجمياً. وكان أبو السائب المخزومي ـ على شرفه وجلالته، وفضله في الدين والعلم يقول: أما والله لو كان الشعر محرَّما لوردنا الرحبة كل يوم مراراً. والرحبة الموضع الذي تقام فيه الحدود، يريد أنه لا يستطيع الصبر عنه فيحد في كل يوم مراراً ولا يتركه.
اتخذالرسول صلى الله عليه وسلم من الشعر ثلاثة مواقف: الكراهة، والموضوعية المحايدة، والترحيب. أما الكراهية فقد وردت فيها نصوص. ومن ذلك ماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً حتى يريه، خير له من أن يمتلئ شعراً». وهذا الحديث رواه المناوي في «فيض القدير». وعلى أية حال فهناك مجموعة من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله تغض من شأن الشعر، ولكن روته السيدة عائشة أم المؤمنين بطريقة أخرى، فقد قالت رضي الله عنها حين سمعت رواية أبي هريرة: "لم يحفظ أبو هريرة الحديث، إنما قال رسول الله: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ودما، خير له من أن يمتلئ شعراً هجيت به»
وبذلك تكون السيدة عائشة قد حددت المذموم من الشعر، وهو ماهجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المشركون ـ كما هومعروف ـ يلجؤون إلى ذلك كثيراً، وقد أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دم بعضهم، ومنهم كعب بن زهير قبل إسلامه، وقصته في هذا الشأن ذائعة ومشهورة، ومتصلة اتصالاً وثيقاً بقصيدته التي استعطف فيها الرسول ومدحه، فعفا عنه وخلع عليه بردته. أما الموقف الموضوعي المحايد ففيه أقوال كثيرة نذكر من بينها ماروته السيدة عائشة رضي الله عنها: «الشعر بمنزلة الكلام، فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاتدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين»، وماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أشعر كلمة تكلمت به العرب كلمة لبيد: ألا كل شيء ماخلا الله باطل».
وقوله صلى الله عليه وسلم عن امرئ القيس: إنه قائد الشعراء إلى النار لأنه أول من أحكم قوافيها». وحين سمع النبي صلى الله عليه والسلام قول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
.
قال: هذا من كلام النبوة».
أما عن موقف الترحيب والإثابة، الحديث الذي ورد في صحيح البخاري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ياحسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس؟ قال أبو هريرة: نعم. ومما يروى أنه بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة اشتد هجاءالشعراء المشركين له، مثل عبدالله الزبعرى وضرار بن الخطاب وأبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب وعمرو بن العاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: مايمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها يارسول الله. قال الرسول الكريم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال: والله لأسلّنك منهم كما تُسل الشعرة من العجين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى أبي بكر فليحدثك حديث القوم وأيامهم وأحسابهم ثم اهجهم وجبريل معك. وحين أنشد حسَّان قصيدته التي رد بها على أبي سفيان بن الحارث دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة مرتين، وعندما قال:
هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
قال النبي صلى الله عليه وسلم: جزاؤك عند الله الجنة ياحسان. ولما وصل إلى قوله:
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
قال النبي الكريم: وقاك الله حر النار
وسوف نختم هذه الأقوال التي هي مجرد أمثلة قليلة تشبهها وتردفها أقوال وأفعال أخرى كثيرة موجودة في بطون الكتب، بهذه الواقعة الدالة أبلغ دلالة على ماكان للشعر بخاصة (ومن ثم للأدب) من دور عظيم في الدفاع عن الدعوة الإسلامية والرد على خصومها، أو على الأقل مقارعة الحجة بما هو أقوى منها. والعرب ـ كما هو شائع ومعلوم ـ كانوا أهل فصاحة وبلاغة يؤثر فيهم الكلام الجميل ويستميلهم المعنى الحسن واللفظ الرشيق. والواقعة التي نحن بصددها مشهورة وذُكرت في معظم كتب الأدب القديم منها والحديث. ومن ثم نكتفي بتلخيصها على النحو الذي تتضح معه دلالتها. فبعد غزوة حنين أخذت وفود العرب تتدفق على المدينة، وقد أسلم بعضهم وحسن إسلامه، وبعضهم جاول ونافق، وبعضهم ارتد. من بين هذه الوفود وفد بني تميم الذين حضروا وفيهم نفر من أشرافهم منهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعطارد بن حاجب بن زرارة، وعمرو بن الأهتم، والحبحاب بن يزيد. وقد طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن لخطيبهم وشاعرهم في القول، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم، فتكلم خطيبهم عطارد ابن حاجب مفتخراً بقومه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن الشماس من الخزرج أن يجيبه فرد عليه بكلام يدور معظمه حول الإيمان والورع. ثم تقدم شاعرهم الزبرقان فقال:
نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا يُقسم الربع
وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العز يُتَّبع
إنا أبينا، ولم يأب لنا أحد إنَّا كذلك عند الفخر نرتفع
وعندئذ بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حسان بن ثابت ـ ولم يكن بالمجلس ـ فحضر وسمع قول الزبرقان، فارتجل على نفس الوزن والروي قصيدته المشهورة :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بيَّنوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع
إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
...إلخ القصيدة
وعندما فرغ حسان قال رئيس الوفد الأقرع بن حابس: «وأبي، إن هذا الرجل لمؤتى له ـ يعني رسول الله ـ، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا؟؟ ولم ينفض المجلس إلا بدخولهم في الإسلام وتصديقهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا يتضح بما لايدع مجالا لأدنى شك أن الشعر كان من العوامل المهمة التي ساعدت على انتشار الدعوة الإسلامية، ومن هنا ندرك مغزى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة».
فهل احبتي في الله نوجه جهدنا في هذه المفكره
جاء في كتاب «فيض القدير على شرح الجامع الصغير» للعلامة المناوي هذا الحديث: عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: "لما نزلت" والشعراء يتبعهم الغاوون» أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ماترى في الشعر؟ قال: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه» وفي روايه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل»ومعنى ذلك أن الدعوة الإسلامية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بصفة خاصة، قد قامت على هذين الأمرين: الجهاد بالسيف من جهة، والدفاع عنها باللسان من جهة أخرى.
ولهذا وجدنا هذين الجانبين المهمين يتمثلان في أشخاص المؤمنين الأوائل وأفعالهم في آن.
وقد كتب الكثير عن الشعر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه من بعده، وتعرض الكثيرون لتفسير بعض الآيات القرآنية على نحو يتفق مع الروح العامة حول الشعر، حيث كان ـ كما رأينا ـ طرفاً مهما في الصراع مع أعداء الإسلام. ومن هذه الآيات قوله تعالى: "وماعلمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين" وقوله تعالى: "والشعراء يتبعهم الغاوون..» الآية. وقد عقد ابن رشيق في كتابه الشهير "العمدة" بابا (هو الباب رقم 1 في فضل الشعر، وجاءالباب الثاني تحت عنوان «باب في الرد على من يكره الشعر». ومما جاء في هذا الباب الثاني ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الشعر كلام مؤلف، فما وافق الحق منه فهو حسن، ومالم يوافق الحق منه فلا خير فيه». وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أعلم منه». وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الشعر ميزان القول» ورواه بعضهم: «الشعر ميزان القوم». ويروى عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «مر الزبير بن العوام رضي الله عنه بمجلس لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحسان ينشدهم، وهم غير آذنين لما يسمعون من شعره، فقال: مالي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة؟
لقد كان ينشد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولايشتغل عنه إذا أنشده». ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بحسَّان، وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أرغاء كرغاء البكر؟ فقال حسان: دعني عنك يا عمر، فوالله إنك لتعلم لقد كنت أنشد في هذا المسجد من هو خير منك فما يغيرِّ عليَّ ذلك. فقال عمر: صدقت. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: مُر مَنْ قِبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق، وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب. وقيل لسعيد بن المسيب: إن قوماً بالعراق يكرهون الشعر، فقال: نسكوا نسكا أعجمياً. وكان أبو السائب المخزومي ـ على شرفه وجلالته، وفضله في الدين والعلم يقول: أما والله لو كان الشعر محرَّما لوردنا الرحبة كل يوم مراراً. والرحبة الموضع الذي تقام فيه الحدود، يريد أنه لا يستطيع الصبر عنه فيحد في كل يوم مراراً ولا يتركه.
اتخذالرسول صلى الله عليه وسلم من الشعر ثلاثة مواقف: الكراهة، والموضوعية المحايدة، والترحيب. أما الكراهية فقد وردت فيها نصوص. ومن ذلك ماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً حتى يريه، خير له من أن يمتلئ شعراً». وهذا الحديث رواه المناوي في «فيض القدير». وعلى أية حال فهناك مجموعة من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله تغض من شأن الشعر، ولكن روته السيدة عائشة أم المؤمنين بطريقة أخرى، فقد قالت رضي الله عنها حين سمعت رواية أبي هريرة: "لم يحفظ أبو هريرة الحديث، إنما قال رسول الله: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ودما، خير له من أن يمتلئ شعراً هجيت به»
وبذلك تكون السيدة عائشة قد حددت المذموم من الشعر، وهو ماهجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المشركون ـ كما هومعروف ـ يلجؤون إلى ذلك كثيراً، وقد أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دم بعضهم، ومنهم كعب بن زهير قبل إسلامه، وقصته في هذا الشأن ذائعة ومشهورة، ومتصلة اتصالاً وثيقاً بقصيدته التي استعطف فيها الرسول ومدحه، فعفا عنه وخلع عليه بردته. أما الموقف الموضوعي المحايد ففيه أقوال كثيرة نذكر من بينها ماروته السيدة عائشة رضي الله عنها: «الشعر بمنزلة الكلام، فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاتدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين»، وماروي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أشعر كلمة تكلمت به العرب كلمة لبيد: ألا كل شيء ماخلا الله باطل».
وقوله صلى الله عليه وسلم عن امرئ القيس: إنه قائد الشعراء إلى النار لأنه أول من أحكم قوافيها». وحين سمع النبي صلى الله عليه والسلام قول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
.
قال: هذا من كلام النبوة».
أما عن موقف الترحيب والإثابة، الحديث الذي ورد في صحيح البخاري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة نشدتك بالله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ياحسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس؟ قال أبو هريرة: نعم. ومما يروى أنه بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة اشتد هجاءالشعراء المشركين له، مثل عبدالله الزبعرى وضرار بن الخطاب وأبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب وعمرو بن العاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: مايمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها يارسول الله. قال الرسول الكريم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال: والله لأسلّنك منهم كما تُسل الشعرة من العجين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى أبي بكر فليحدثك حديث القوم وأيامهم وأحسابهم ثم اهجهم وجبريل معك. وحين أنشد حسَّان قصيدته التي رد بها على أبي سفيان بن الحارث دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة مرتين، وعندما قال:
هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
قال النبي صلى الله عليه وسلم: جزاؤك عند الله الجنة ياحسان. ولما وصل إلى قوله:
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
قال النبي الكريم: وقاك الله حر النار
وسوف نختم هذه الأقوال التي هي مجرد أمثلة قليلة تشبهها وتردفها أقوال وأفعال أخرى كثيرة موجودة في بطون الكتب، بهذه الواقعة الدالة أبلغ دلالة على ماكان للشعر بخاصة (ومن ثم للأدب) من دور عظيم في الدفاع عن الدعوة الإسلامية والرد على خصومها، أو على الأقل مقارعة الحجة بما هو أقوى منها. والعرب ـ كما هو شائع ومعلوم ـ كانوا أهل فصاحة وبلاغة يؤثر فيهم الكلام الجميل ويستميلهم المعنى الحسن واللفظ الرشيق. والواقعة التي نحن بصددها مشهورة وذُكرت في معظم كتب الأدب القديم منها والحديث. ومن ثم نكتفي بتلخيصها على النحو الذي تتضح معه دلالتها. فبعد غزوة حنين أخذت وفود العرب تتدفق على المدينة، وقد أسلم بعضهم وحسن إسلامه، وبعضهم جاول ونافق، وبعضهم ارتد. من بين هذه الوفود وفد بني تميم الذين حضروا وفيهم نفر من أشرافهم منهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعطارد بن حاجب بن زرارة، وعمرو بن الأهتم، والحبحاب بن يزيد. وقد طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن لخطيبهم وشاعرهم في القول، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم، فتكلم خطيبهم عطارد ابن حاجب مفتخراً بقومه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن الشماس من الخزرج أن يجيبه فرد عليه بكلام يدور معظمه حول الإيمان والورع. ثم تقدم شاعرهم الزبرقان فقال:
نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا يُقسم الربع
وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العز يُتَّبع
إنا أبينا، ولم يأب لنا أحد إنَّا كذلك عند الفخر نرتفع
وعندئذ بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حسان بن ثابت ـ ولم يكن بالمجلس ـ فحضر وسمع قول الزبرقان، فارتجل على نفس الوزن والروي قصيدته المشهورة :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بيَّنوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع
إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
...إلخ القصيدة
وعندما فرغ حسان قال رئيس الوفد الأقرع بن حابس: «وأبي، إن هذا الرجل لمؤتى له ـ يعني رسول الله ـ، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا؟؟ ولم ينفض المجلس إلا بدخولهم في الإسلام وتصديقهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا يتضح بما لايدع مجالا لأدنى شك أن الشعر كان من العوامل المهمة التي ساعدت على انتشار الدعوة الإسلامية، ومن هنا ندرك مغزى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة».
فهل احبتي في الله نوجه جهدنا في هذه المفكره