المدونات الإلكترونية ومنتديات الحوار
إن ما يبرز جليا من خلال الحديث عن المدونات الإلكترونية ومنتديات الحوار على الأنترنات هو الفرص التي يتيحها تطور تكنولوجيات الاتصال لكل الأفراد للتعبير والحوار دون اللجوء إلى القنوات التقليدية للإعلام و هذا هو جوهر حريات التعبير و الصحافة و الرأي و غيرها من الحريات الأساسية التي تمثل أساس منظومة حقوق الإنسان.
و إذا ما أردنا تعريف حقوق الإنسان فإننا نجد سيلا من التعريفات و التحليلات و الدراسات حولها و هذا يبرز مدى أهمية منظومة حقوق الإنسان اليوم. و يؤكد أنها "قيمة تفرض نفسها أكثر فأكثر في عالم يبحث عن مقاييس جديدة تقوم على إبراز إنسانية الإنسان و إعادة تقييم كل فرد ضمن المجتمع الإنساني مع التأكيد على حقيقة و قيمة اختلاف كل فرد داخل المجتمعات. و تقوم منظومة حقوق الإنسان على اعتبار الإنسان قيمة في حد ذاته و تتضمن مجموعة مبادئ تهدف الى تحقيق الحرية للأفراد و الشعوب و تجسيد مبدأ المساواة بين الناس. و تعتبر الحقوق الثقافية قيمة داخل منظومة حقوق الإنسان و تؤكد على حريات المعتقد و ممارسة الشعائر الدينية و التنوع الثقافي.
و يعني مصطلح التنوع الثقافي " تعايش وتبادل مختلف الثروات الثقافية و توفير و استهلاك مثل هذه الثروات وهو يتضمن أيضا التنوع اللغوي و هو الى جانب ذلك " كثرة الفاعلين بما لهم من مخزون في المعلومات و بما لهم من طاقة و قدرات على الفعل و يقتضي التنوع الثقافي أن تتميز النظرة للثقافة أنها" قائمة على التواضع و النسبية و الاعتراف بالغير.... و ينبغي أن توجه الحقوق الثقافية نحو الاستجابة لمقتضيات أخلاقيات الحداثة و كذلك أخلاقيات القانون الدولي في هذا المجال دون أن يعني ذلك نكران الخصوصيات الثقافية و لا الإعجاب بعظمة ثقافة المجموعة لكن فقط الاعتراف بان الكونية هي نتيجة معرفة الذات و معرفة ذات الغير" و هذا التأكيد على ضرورة الحرص على طبع الحقوق الثقافية لمبدأ التنوع و احترام التنوع هو حرص على عدم المبالغة في تفضيل ثقافة على أخرى لا من طرف الأفراد و لا من طرف المجموعات و لا يخفى على احد ما في هذا الحرص من رغبة في التأكيد على مبدأ المساواة بين الثقافات كي لا يتحول الحق في الانتماء إلى ثقافة و الاعتزاز بها إلى دافع لإقصاء الثقافات الأخرى و الاستهانة بها. كما إن معرفة الثقافات الأخرى حق وواجب يعني انه من حق كل فرد أن تتوفر له فرص الاطلاع على ثقافات غيره و معرفة خصوصيات و مميزاتها و هي واجب لأنه لا يمكن الاطلاع بغاية إثراء المعارف الفردية و الجماعية و إن يقوم على مبدأ التفتح و التسامح.
والتسامح هو قيمة جوهرية في العلاقات الدولية و حوار الحضارات و الاتصال بالآخر وهو أسلوب تفكير و نظرة الى الآخر تقوم على الاحترام و إقرار و تقدير التنوع الفني لثقافات عالمنا و لأشكال تعبيرنا و طرق ممارستنا ....و التسامح هو انسجام في الاختلاف... لأنه ليس فقط واجب أخلاقيا بل أيضا متطلب سياسي و قانوني...." ( تعريف التسامح كما ورد في إعلان الأمم المتحدة حول التسامح)
وجاء في إعلان اليونسكو حول التسامح الصادر في أكتوبر 1995 بباريس أن " التسامح قيمة أخلاقية و سياسية و دينية و قانونية أساسها المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان و في مقدمتها التعددية و احترام المعتقد و الرأي و العدل قائمة على مبدأ الانسجام في الاختلاف، تهدف الى تحقيق السلم و الأمن و التقدم الاقتصادي و الاجتماعي للأفراد و الشعوب"
إن قيم التسامح و التفتح و قبول الآخر و احترام الاختلاف لا تنشأ بمقتضى أمر أو طلب و لكنها تنبع من عقلية و أسلوب تفكير ذاتي و تتمظهر في سلوكات الفرد و المجموعة ذات الخصائص الحضارية المشتركة هذا يفترض أن يبدأ ترسيخها من البداية أي منذ فترة تكون الشخصية الفردية ثم الشخصية الجماعية و لذلك يكتسب التعليم الأهمية الأكبر في زرع قيم التسامح و الفتح و احترام الآخر.
والتعليم يتضمن عناصر عديدة هي التي تكون شخصية الفرد بمختلف خصائصها و مكوناتها من طريقة تفكير وأسلوب حياة و طريقة تعامل مع الآخرين الى محتوى المعرفة و نوعية المعلومات و طبيعتها و لأجل هذا نجد الحق في التعليم و التربية ضمن حقوق الإنسان و نجد التأكيد عليه ضمن الحقوق الثقافية. لهذا سجلت لجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الفقرة الخامسة من ملاحظتها العامة رقم 13 و المؤرخة في 8 ديسمبر 1999 أنه على الدول أن تسهر على أن يستجيب التعليم بكل أشكاله و في كل مستوياته الأهداف و الغايات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية. و اتفقت كل هذه النصوص على الحق في التربية و التعليم و على التنصيص على المساواة بين الذكور و الإناث و احترام البيئة. و ينبغي أن ينطلق التعليم من الحق في تعلم الخصوصيات الحضارية و الثقافية المحلية و ينبني على ضرورة احترام الخصوصيات الحضارية و الثقافية الأخرى. لكن التعليم لم يعد حكرا على الدولة و على المؤسسات التعليمية و التربوية الكلاسيكية بل أصبح المحيط العالمي الراهن يتسم بتعدد و تنوع وسائل استيقاء المعلومة و المعرفة وذلك تبعا لتطور وسائل الاتصال و أصبحنا نتحدث عن المدارس و الجامعات الافتراضية و الموسوعات العلمية و اللغوية الالكترونية ووسائل التعليم بالصوت و الصورة و كل ذلك يجعل من مستوى المعرفة و طبيعة محتواها لمستوى التقدم التقني و درجة التقدم الصناعي